حين اتُّهِمت القطط بالسحر... ودفعت أوروبا الثمن!
في العصور الوسطى، لم تكن أوروبا فقط مسرحًا للفرسان والمعارك والصراعات السياسية، بل كانت أيضًا زمنًا غارقًا في الجهل والخرافة. ومن بين ضحايا هذا الجهل: القطط!
نعم، هذه الكائنات اللطيفة التي نراها اليوم رمزا للدفء والنعومة، كانت تُعتبر في وقتٍ ما رموزًا للشر، بل حليفة للشياطين، والسبب في انتشار السحر الأسود!
---
كيف بدأت القصة؟
في القرون الوسطى، وتحديدًا بين القرنين 13 و14، سيطرت الكنيسة الكاثوليكية على حياة الناس بالكامل. كل شيء كان يُقاس بالدين والخوف من الجحيم، وكانت الخرافات جزءًا كبيرًا من الثقافة اليومية.
كان يُعتقد أن النساء المتهمات بالسحر يحتفظن بقطط سوداء كمرافقين شيطانيين.
بعض القصص تقول إن الشيطان نفسه يمكن أن يتجسد على هيئة قط.
بالتالي، أصبحت القطط (خاصة السوداء) هدفًا للشك والخوف.
---
حملة الكنيسة ضد القطط
في عهد البابا غريغوري التاسع (في ثلاثينيات القرن الثالث عشر)، أصدر مرسومًا يُعرف باسم Vox in Rama، أعلن فيه أن القطط، خصوصًا السوداء، تستخدم في طقوس شيطانية، مما أدى إلى:
ملاحقة القطط وقتلها في المدن والقرى.
حرق آلاف منها علنًا خلال "محاكم التفتيش".
حتى القطط المنزلية لم تكن بأمان، وكان الاحتفاظ بها مثارًا للشك.
---
النتيجة: أوروبا بلا قطط... ولكن مليئة بالجرذان!
مع انخفاض عدد القطط بشكل كبير، بدأت أعداد الجرذان والفئران بالارتفاع بشكل غير مسبوق.
وهنا تأتي الكارثة الحقيقية:
في عام 1347، بدأ الطاعون الأسود – واحد من أعنف الأوبئة في التاريخ – ينتشر في أوروبا، ناقلًا الموت بسرعة مذهلة.
وكان الناقل الأساسي للمرض؟ البراغيث التي تعيش على الفئران!
ولو كانت القطط لا تزال موجودة بأعدادها الطبيعية، لكانت ربما قد لعبت دورًا كبيرًا في تقليل أعداد الفئران، وربما تقليل انتشار الطاعون.
---
كارثة بشرية بسبب خرافة
خلال 5 سنوات فقط، مات ما يقارب 25 مليون شخص في أوروبا بسبب الطاعون – أي حوالي ثلث سكان القارة.
مدن بأكملها اختفت، وعائلات انقرضت، والمجتمعات انهارت.
الكارثة أجبرت الناس لاحقًا على إعادة التفكير في خرافاتهم... وإعادة النظر في القطط!
---
عودة القطط إلى الحضارة
مع مرور الزمن، بدأت صورة القطط تتحسن تدريجيًا.
في بعض الثقافات، أُعيد احترامها، وخاصة بسبب دورها في مكافحة الجرذان.
ومع دخول عصر التنوير والطب الحديث، بدأ الناس يفهمون أن الفئران وليس القطط هي العدو الحقيقي.
وفي عصرنا الحالي، تحولت القطط إلى أيقونات محبوبة في كل العالم... لكن التاريخ لم ينسَ تلك الحقبة السوداء التي حوّلتها من كائنات لطيفة إلى "رموز شيطانية".
---
رسالة القصة
قصة طرد القطط من أوروبا تُذكرنا بخطورة الجهل والخرافات حين تتغلغل في المجتمع. حين تُبنى القرارات على الخوف واللاعلم، تكون العواقب كارثية... حتى لو كانت البداية مجرد خرافة حول قط أسود!